في ظل أزمة بطالة خانقة ببلديات سوق اهراس


السكان يقايضون الأحمرة والوقود بزيت المائدة والعجائن

تعددت المشاكل، التي تقف وراء تعطل انطلاقة حقيقية للتنمية بسوق اهراس، على خلفية فشل البرامج السابقة، وأضحى المواطن يعيش دون فرص عمل خاصة سكان البلديات التي تفاقم بها هذا المشكل، مما جعلهم يلجأون إلى التهريب شعارهم في ذلك ''نستنا الدولة .. فتكفلنا بأنفسنا''. 
ترتكز تلك المشاكل أساسا حول غياب أفق لتقليص حجم البطالة، التي وصلت في عدد كبير من بلديات الولاية إلى تسعين بالمائة، كما هو الحال بالنسبة لبلديات، أولاد مومن، الخضارة، سيدي فرج، ويلان و الحنانشة، الأمر الذي ضاعف من غبن سكانها، وجعلهم يعيشون فقرا مدقعا.
تعاني الولاية، التي تعد من الولايات الفقيرة، من ضعف الأغلفة المالية الموجهة لمشاريع التنمية بالنظر للعدد الكبير للبلديات، حيث تحصي الولاية  430ألف نسمة يتوزعون على 26 بلدية، وتراكم العجز خلال السنوات الماضية. وقد استفادت الولاية منذ سنة 1999 إلى غاية2007  من ميزانية إجمالية قدرت بـ 64 مليار دينار، شملت مختلف البرامج المتعلقة بدعم النمو، الإنعاش الإقتصادي وتنمية الهضاب العليا، هذا الأخير الموجه لتسع بلديات. في حين تقدر ميزانية الولاية لسنة 2008 بـ 8.7 مليار دينار، كما استفادت مجموع بلديات الولاية في إطار المشاريع المدمجة للتنمية الريفية من غلاف مالي قدر بـ 250 مليون دينار.

التهريب الوسيلة الوحيدة لكسب القوت تزداد الأوضاع الاجتماعية لسكان البلديات ترديا من سنة لأخرى في غياب فرص عمل دائمة، الأمر الذي دفع بالعديد إلى اللجوء للتهريب تكفلا بعائلاتهم شعارهم في ذلك ''نستنا الدولة فتكفلنا بأنفسنا''، حيث يتم مقايضة الأحمرة والوقود بزيت المائدة والعجائن، خاصة أن سعر خمس لترات من الزيت التونسي يباع بـ 350 دينار جزائري مقابل 700 دينار بالنسبة للزيت المحلي، إذ تعاني تلك المناطق من عزلة كبيرة، خاصة في مجال النقل، فتجد أن وسيلة النقل الوحيدة المعتمدة من طرف السكان سيارات الأجرة غير الشرعية، سيما أن هناك بلديات لا تتوفر على حافلة نقل واحدة مثل سيدي فرج وويلان. وترجع مديرية النقل السبب في ذلك إلى عدم وجود طلبات على هذه الخطوط لأسباب تتعلق بطول المسافة، وحالة الطرقات، التي تضيف بشأنها أنها عرفت تحسنا في المدة الأخيرة. كما يشكو سكان تلك المناطق المنعزلة من التهميش المتواصل، خاصة ما تعلق بالمياه الصالحة للشرب، وتعبيد الطرقات كما هو الحال بالعديد من مشاتي دائرة تاورة، ونذكر هنا عين جمعة، بئر سدور، البطوم، ناهيك عن غياب المرافق العمومية، الأمر الذي يتطلب منهم الإنتقال بشق الأنفس إلى إحدى الدوائر أو مقر الولاية لقضاء حاجياتهم. وعبر هؤلاء السكان عن تذمرهم لفشل البرنامج المتعلق بالمشاريع المدمجة للتنمية الريفية، بسبب ضعف حال المستفيدين منه، الذين لجأوا إلى بيع ما قدم إليهم من عتاد ومواشي، بما في ذلك الدواجن لسد رمق عائلاتهم، بالنظر لعدم وجود موارد رزق أخرى. 4622 بيت قصديري و29 مليار ديون ديوان السكن تتفاقم أزمة السكن بالولاية، بسبب التزايد المفرط في عدد الأكواخ القصديرية، حيث بلغت إلى غاية 31 ديسمبر الماضي 4622 بيت قصديري، وترتكز أكثرها بعاصمة الولاية، حيث تتجاوز 1250 بيت قصديري في كل من ديار الزرقاء، برال صالح، ابن رشد وباجي مختار، و889 بيت قصديري في سدراتة و413 بيت قصديري في مداوروش، بالإضافة إلى عدد آخر في كل من المراهنة والحدادة. كما تعمل الجهات المختصة على التخلص التدريجي من البناءات، التي يعود تاريخ إنشائها إلى الفترة الإستعمارية، حيث لم يبق منها سوى 47سكنا في بلدية المشروحة، 33 سكنا في الدريعة وعدد مماثل ببلدية المراهنة. وحسب مدير ديوان الترقية والتسيير العقاري، فإنه تم تخصيص 800 سكن إجتماعي موجهة للقضاء على الأكواخ القصديرية خلال سنتي 2006 و2007، مضيفا أن هناك مشكلا لا يقل خطورة بالنسبة لوضعية مئات العائلات، التي لم تدفع إيجار سكناتها منذ سنوات عديدة، وصل ببعضها بلوغ سقف170 ألف دينار، حيث تقدر مستحقات الديوان لدى المؤجرين أكثر من 29 مليار، الأمر الذي دفع، في سنة ,2007 إلى إحالة أكثر من 360 مؤجر على العدالة، مضيفا أن هذه الوضعية أفرزت خللا ماليا بالنسبة للمديرية، انعكس سلبا على تسيير الحظيرة السكنية بالولاية المقدرة بـ 12680 سكن إجتماعي، خاصة ما تعلق بأعمال الصيانة من طلاء واجهات العمارات وتصليح الكتامة، هذه الأخيرة، التي يعاني منها كثيرا سكان حي شعباني. ويواجه النسيج الحضري بالولاية ترييفا متواصلا، حيث تنعدم مظاهر التهيئة مما أدى إلى انتشار الحفر في كل مكان، تقاسمها في ذلك القمامة وعدم وجود مساحات خضراء وأماكن للعب الأطفال. وفي هذا الشأن أكد رئيس مصلحة التعمير''أن مسألة تعبيد الطرقات متعلقة بعدم وجود مقاولات بالولاية تهتم بهذا النشاط''. وأضاف أن هناك غلافا ماليا قدره 25 مليارا تم تخصيصه للتحسين الحضري، يمس خمسة أحياء ببلدية سوق اهراس، وثلاثة أحياء في سدراتة وحي واحد في الحدادة. من جهة أخرى، أضاف المتحدث ذاته أن بلدية سوق اهراس ستسترجع 150 هكتارا من الأراضي ذات القيمة العمرانية العالية نتيجة تحويل قناة الغاز العابرة لوسط المدينة، مما سيسمح بإنشاء مشاريع مهيكلة ذات مرافق عمومية.

ع. زهيرة